الاثنين، 1 ديسمبر 2014

جريمة الحبس غير المشروع

1- جوهر الجريمة:
تقررت جريمة الحبس الغير مشروع بالمادة 262 من القانون رقم 74/1936 التي تشير الي ان كل
 من قبض علي شخص اخر وحجزه بوجه غير مشروع يعتبر انه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة سنة او بغرامة قدرها خمسون جنيها وإذا كان قد أوقع القبض الغير مشروع علي ذلك الشخص بادعائه زورا بأنه يشغل وظيفة رسمية او بأنه يحمل مذكرة قانونية بالقبض عليه يعاقب بالحبس مد ثلاث سنوات .
نستنتج من المادة ان المشرع لم يفرق بين فعل الحجز الواقع من موظف رسمي او احد أفراد المجتمع وبالتالي ساوى في المسئولية بينهما ولذلك عندما ينفذ الموظف الرسمي جريمة الحجز الغير مشروع تقوم الجريمة وتبدأ مساءلته عن جريمة الحجز الغير مشروع . من ناحيتنا نري ان الحجز الغير مشروع الذي يقترفه موظفو السلطة الحكومية يجب ان يخضع لعقاب اشد من ذلك الذي يخضع له الأفراد العاديين لان موظفي السلطة يتمتعون بسلطة مميزة تمنحهم القدرة علي إلزام المواطنين والسيطرة عليهم بشكل اكبر وبالتالي يجب محاربة أفعالهم التي تتجه نحو استغلال نفوذهم بحجز الأفراد دون وجه حق وعقابهم بصورة اشد وهذا ما يتفق معه أيضا الفقه المصري (د.محمد زكي أبو عامر ص662 ) .
2- الركن المادي :
جريمة الحبس الغير مشروع قد تتخذ صورة القبض او الحبس او الحجز وجميع هذه الصور تحقق الاعتداء علي حرية الشخص وانتزاعه حق التصرف بحريته حيث تؤدي هذه الأفعال الي حرمانه من حرية حركته وتقيدها ويبدأ فعل الاعتداء بفعل القبض ويلحقه فعل الحجز . الحجز قد يكون حبسا وقد يكون حجزا فإذا كان الحجز في احد السجون يسمي الاحتجاز حبس وان كان في احد الأماكن الخاصة غير التي تخصصها الحكومة لهذا الغرض يسمي الاحتجاز حجزا .
من الواضح ان القبض هو عملية وقتية يبدأ فيها فعل القبض في لحظة وينتهي في نفس اللحظة اما الحبس  او الحجز فيعبر عن حالة مستمرة ولذلك تعتبر جريمة الحجز او الحبس الغير مشروع من الجرائم الوقتية ولهذا الوصف بالغ الأثر لعدة مسائل من أهمها مسألة التقادم ومسألة الحق في الدفاع الشرعي .
تقوم جريمة الحبس او الحجز غير المشروع بركنها المادي فقط في حالة انتزاع حرية الشخص جبرا برغم إرادته وبالتالي يشترط القانون إكراه المحجوز كي يقع الركن المادي للجريمة وهذا أهم ما يفصل بين جرائم الخطف وجريمة الحجز الغير مشروع حيث من الممكن ان تتم جريمة الخطف بالتحايل ورضاء المخطوف المشوب بالغش.
جريمة الحجز الغير مشروع من الجرائم التي تتميز بطرق تحقيق الركن المادي بعدة طرق وحدد القانون الجنائي هذه الطرق بفعل القبض او الحجز او الحبس ولذلك تحقيق الركن المادي بفعل القبض فقط يؤدي الي وقوع جريمة الحبس الغير مشروع وكذلك الأمر إذا تحقق فعل الحبس او الحجز، وعلى ذلك إذا نفذ الفاعل فعل القبض فقط ثم تم إخلاء سبيل المقبوض عليه دون حبسه او حجزه سيكون جريمة الحجز او الحبس الغير مشروع قد وقعت وإذا تم القبض ثم الحبس او الحجز تكون وقعت الجريمة وهذا ما يأخذ به الفقه الجنائي المصري ( انظر د. محمد زكي أبو عامر ص: 664) وفقا للمادة 280 من قانون العقوبات.
ولكن يجب الانتباه إلى ان الجريمة التي تتحقق بالقبض هي جريمة وقتية وليست مستمرة وتجسد بإمساك المجني عليه من جسمه وتقيد حركته، بينما فعل الحبس او الحجز يعبر عن حرمان المجني عليه من حريته وإيداعه في مكان معين لفترة زمنية محددة وبذلك كل من الحجز والحبس يعبران عن صورة
جريمة مستمرة ولا عبرة لمكان الاحتجاز فقد يكون سجنا وقد يكون بيتا او مدرسة الخ...

4- الركن المعنوي
يقوم الركن المعنوي لجريمة الحجز الغير مشروع بعنصرين: عنصر الإرادة وعنصر العلم، اما بالنسبة لعنصر الإرادة فيشير إلى ارادة الفاعل تنفيذ  فعل القبض او الحجز او الحبس الغير مشروع وأما فيما يتعلق بعنصر العلم فيتوجب ان يتجه علم الفاعل بكافة عناصر الركن المادي أي بأن فعله يؤدي إلى احداث نتيجة القبض او الحبس او الحجز وفقا لما سبق جريمة الحجز او الحبس الغير مشروع هي من الجرائم العمدية ولا يمكن قيامه بالخطأ.
                                     " جريمة التعذيب "
1- جوهر الجريمة:-
أشارت المادة 109 من قانون العقوبات رقم 74 /1936  إلى جريمة التعذيب وبالتحديد الي ان كل من ( اخضع او أمر بإخضاع أي شخص للقوة او للعنف بغية ان ينتزع منه او من شخص يهمه أمره اعترافا بجرم او أية معلومات تتعلق بجرم ).
المشرع بهذه المادة يهدف الي حماية حق الإنسان في سلامة بدنه وذهنيه من العنف الذي قد تمارسه السلطة عليه .
جوهر الجريمة يستند الي استعمال موظفي السلطة لنفوذهم وسلطتهم من اجل الاعتداء علي سلامة جسد المجني عليه وهنا يكمن سبب تجريم هذا الفعل من اجل حماية الأفراد من نفوذ السلطة وهذا ما أدى بالتشريعات الجنائية التي تستند الي القانون وتبتعد عن ايدولوجية السلطة الحاكمة , الي تجريم هذه الأفعال وفرض عقوبات شديدة وضارعة ضد الفاعلين . بالتالي يعاقب القانون كل رجل سلطة ( خاصة من الذين أحيلت إليهم مهام تنفيذ القانون وملاحقة المجرمين والتحقيق معهم مثل الشرطة والأمن الخ......) . واهم صور ممارسة العنف ضد الأفراد هو تعذيب المتهم من اجل انتزاع الاعتراف منه بجرم او بمعلومات . وتشكل مسألة إلحاق أضرار جسيمة بجسد المجني عليه جراء التعذيب احد أهم نواحي هذه الجريمة وكيفية وجوب مواجهتها . فهل هي جريمة تعذيب مفضية الي عاهة مستديمة او الي موت ؟ وما هي العقوبة الواجب فرضها في هذه الحالة ؟ .
الركن المادي : أهم عناصر الركن المادي في جريمة التعذيب هو تنفيذ فعل من الفاعل ضد المتهم يعبر عن عنف بهدف حمله علي الاعتراف , ولقيام جريمة التعذيب في ركنها المادي يشترط القانون ان يصدر من موظف السلطة فعل تعذيب أي استعمال عنف ( بمعناه الواسع ) وإما ان يصدر أمرا بتعذيب .
تحديد التعذيب يعود للفقه والقضاء ولذلك لم يتطرق القانون الي تحديده وبشكل عام يعرف التعذيب علي انه ( الحالة التي يستخدم فيها الفاعل العنف الجسدي او المعنوي ) بهدف انتزاع اعتراف من المجني عليه , لهذا يشتمل العنف شتي أساليب التعذيب المادية التي تمس جسد المجني عليه بينما يشير التعذيب المعنوي الي التأثير النفسي علي المجني عليه او التهديد بالمساس بأحد أفراد عائلته من اجل انتزاع الاعتراف منه . التعذيب يقع كجريمة بمجرد ممارسة العنف ولا يشترط القانون عنصر الاعتراف من اجل قيام الجريمة بمعني انه من الممكن ان يحقق الجاني فعل العنف دون انتزاع الاعتراف من المجني عليه ورغم ذلك تقوم جريمة التعذيب وفقا للمادة 109 فقرة أ . التعذيب يشمل أيضا كل إيذاء بليغ او سلوك عنيف ووحشي يقع علي المجني عليه بهدف انتزاع الاعتراف منه . ( د.محمد زكي أبو عامر ص675 ,جنايات القاهرة).
مثال :
الضرب بالسياط والعصا , وضع المتهمين في زنزانة مليئة بالماء او وضع المتهم بزنزانة بها كلاب متوحشة او أمر المتهم بالوقوف لمدة طويلة وتعريضه لصدمات كهربائية  .
في 15 مايو 1978 قضية النيابة العامة رقم 1272/146 سنة 1968 . جنايات مدنية نصر ***شرق القاهرة , لم ينشر مشار إليه من قبل . وهذا الحكم زاخر بكافة أمثلة التعذيب المتصورة . ففيه احضروا المتهم وأوقفوه مع غيره من المتهمين ووجههم للحائط رافعين أيديهم الي اعلي وانهالوا عليهم صفعا بالأكف وضربا بالسياط واحضروا زوجته وهدده المتهم ..... بارتكاب الفحشاء معها . كما أودع احد المتهمين لمدة يومين في زنزانة بها كلاب مدربة وعند إخراجه منها كان ممزق الثياب والجسد , كما نزعت أظافر بعضهم وحلقوا لهم نصف الحية وحاجبا واحدا لحملهم علي الاعتراف بما يطلبه المحققون منهم . هذا وقد سجلت المحكمة في مدونة الحكم للتاريخ ان هذه الفترة التي جرت فيها احداث هذه القضية هي أسوأ فترة مرت بها مصر طيلة تاريخاها القديم والحديث . فهي فترة ذبحت فيها الحريات ودنست فيها كل كرامة الإنسان المصري ووطأت أجساد الناس فيها بالنعال وأمر الرجال فيها بالتسمي بأسماء النساء ووضعت لجمة الخيل في فم المجني عليه ولطمت الوجوه والرؤوس بالأيدي كما ركلت بالأقدام كما هتكت أعراض الرجال أمام بعضهم الآخر وجر بنسائهم أمامهم وهددوا بهتك أعراضهم علي مرأى ومسمع منهم ودربت الكلاب علي مواطأة الرجال بأمر من المتهم الأول وهددوا أخواته , وهو أبشع ما وقع في هذه القضية من تعذيب في نظر المحكمة بإخراج جثة والدتهم من مدفنها وكانت حديثة الدفن للتمثيل بها أمام الناس والتشهير بهم وازلالهم أمام أهلهم وذويهم وأمام الحاقدين والخصوم .
بالتالي أساليب التعذيب لا حصر لها ويمكن ان تتحقق بأوجه كثيرة ولذلك من الصعب تحديد معني شامل لمصطلح العنف مما أدي الي التسليم بأن العنف يشمل جميع صور الاعتداء علي الجسد ماديا او معنويا .
التعذيب كمعني يدل علي استعمال عنف وحشي ضد المجني عليه او احداث إيذاء جسدي بليغ وبالتالي في حالة احداث إيذاء خفيف او ضرب بسيط عندئذ لا يمكن ان تقع جريمة التعذيب ولكن يمكن مسائلة المتهم باقتراف جريمة استعمال القسوة .
يتضح من تفسير المادة 109 مكرر أنها تشترط صفة المتهم في وجه المجني عليه لانه لا يعقل انتزاع الاعتراف بجرم إلا من شخص متهم .
الركن المعنوي لجريمة التعذيب :
يشير الركن المعنوي لجريمة التعذيب الي انصراف ارادة الفاعل نحو تحقيق فعل التعذيب وعلمه بان فعله من شأنه احداث نتيجة الايذاء الجسدي البليغ بجسد المجني عليه او من شأنه ان يؤثر معنويا علي المجني عليه بهدف انتزاع اعتراف منه .
العقوبة :
نصت المادة 109 مكرر بفقرة ب علي ان عقوبة جريمة التعذيب هي عقوبة جنحة أي الحبس مدة ثلاث سنوات او دفع غرامة قدرها 100 جنيه او كلتا العقوبتين وفقا للمادة 47 من القانون رقم 74/1936 . من جهتنا لا نتفق مع المشرع بفرض مثل هذه العقوبة المخففة لأنها لا تتناسب مع حجم الجريمة المقترفة ولا يشكل هذه العقوبة رادعا قويا للموظفين الذين يمارسون مهمات التحقيق مع المجرمين والمتهمين , بل علي العكس من ذلك فان هذه العقوبة تشجع الموظفين علي القيام بممارسة اشد وأسوء أساليب التعذيب ضد المتهمين ولذلك يجب تعديل هذه المادة وإقرار اشد العقوبات ضد الموظفين الذين يمارسون أي نوع من أنواع التعذيب ضد المتهمين باقتراف جرم .



جريمة الدخول الغير قانوني للمنزل
جوهر الجريمة :
تقررت جريمة الدخول الغير قانوني للمنزل بمقتضي المادة 112 من قانون العقوبات رقم 74/1936 التي تشير الي انه ( كل من دخل منزل احد أفراد الناس رغم إرادته في غير الأحوال التي يجيزها القانون او دون ان يراعي الأصول المقررة في القانون يعتبر انه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة سنتين ) .
الأساس في اشتمال قانون العقوبات علي هذه الجريمة هو حماية حرمة المنزل لانه يجسد احد أهم صور التعبير عن حرية الشخص حيث يحضن المنزل خصوصياته وأسراره وعرضه . الحماية التي يصبو الي تحقيقها المشرع في هذا النص هي حماية حرية المسكن من انتهاك موظفي السلطة العامة استنادا الي وظائفهم , اما حرية المسكن من عدوان الفرد العادي عليه في المواد 96 ( الدخول عنده ) و269 ( دخول البيوت بقصد ارتكاب جناية ) . دخول الموظف العام الذي يمثل السلطة الي المنزل استنادا الي وظيفته لا يشكل جريمة الدخول غير القانوني للمنزل إلا إذا تم ذلك دون رضاء صاحب المنزل بمعني انه في حالة موافقة صاحب المنزل علي دخول الموظف إليه حينئذ لا تقع جريمة الدخول الي المنزل بشكل غير قانوني . وبالتالي في حالة دخول الموظف الي المنزل وفقا للحالات المبينة فيه القانون وبمراعاة القواعد المقررة فيه يباح فعل الدخول الي المنزل
الركن المادي :
من الواضح ووفقا لما سبق ان الفعل الاجرامي الرئيسي الذي يشكل الركن المادي لجريمة الدخول الي المنزل بشكل غير قانوني يتألف من ثلاثة عناصر : الدخول والمنزل والرضاء .
أولا , يشترط القانون لقيام الجريمة ان يكون الموظف قد دخل المنزل بمعني ان يتجاوز الفاعل حدود المنزل الذي يحميه القانون وان يتخطي هذه الحدود التي تحيط بالمنزل من الخارج الي الداخل بأية طريقة ومن أي مكان . بالتالي الدخول شرط أساسي لقيام الجريمة ولذلك في حالة ان الموظف دخل المنزل برضاء صاحبه ثم بعد ذلك رفض الخروج منه برغم أمر صاحبه فلا تقع جريمة الدخول الغير قانوني للمنزل لان الفاعل دخل بشكل قانوني وإما رفض الخروج منه فيمكن اعتباره انه نفذ جريمة الدخول الي المنازل وعدم الخروج منها بناءا علي أمر من صاحبها كما تقر المادة 373 من قانون العقوبات المصري .
ثانيا , الدخول يجب ان يتحقق في منزل وهذا ما أقرت به المادة 17 من القانون الأساسي حيث تشير الي ان ( للمساكن حرمة , فلا تجوز مراقبتها او دخولها او تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب ووفقا لإحكام القانون ) . المسكن هو كل مكان او مأوي يتخذ منه الفرد حرما لنفسه او لأفراد أسرته ولا يجوز للغير ان يدخله إلا بإذنه ولا يقصد بالمكان فقط المنزل الذي يعيش فيه الفرد وأسرته بشكل رئيسي ودائم وإنما كل مكان يعود لحق فيه السيطرة عليه والارتباط به ارتباطا قانونيا والمكوث فيه والتوجه إليه أية لحظة وإعطاء الحق للغير للدخول إليه بناءا علي إذن منه وبالتالي يشمل لفظ ( مسكن ) كل مكان صالح للمعيشة وقابل للإقامة وان يكون مخصص للمسكن وبه أثاث كما يقر بذلك أيضا الفقه المصري ( انظروا . محمد زكي أبو عامر ص689 ) . بهذا من الممكن ان يكون المكان مسكونا بشكل مؤقت مثل ان يستأجر الفرد غرفة في فندق او من الممكن ان يكون مخصصا للعمل او ممارسة المهنة مثل العيادة الطبية او مكتب المحاماة ومن الممكن ان يكون مشغولا طوال فترة السنة او لفترات معينة مثل المنزل الصيفي ويشمل لفظ المسكن كذلك جميع ملاحقاته الملتصقة به والأماكن او الأجزاء الداخلة ضمن محيط دائرته مثل حديقة المنزل , وحق الحماية في حرمة المسكن يعود أيضا لمالكه الذي يسكنه او للمنتفع مثل المستأجر سواء كان مواطنا فلسطينيا أم أجنبيا .
ثالثا , يشترط القانون لقيام جريمة الدخول الغير قانوني للمنزل ان يتم الدخول دون رضاء المجني عليه او صاحب الحق بإعطاء الإذن للدخول , وكما ذكرنا أعلاه قد يكون صاحب الحق بإعطاء الإذن مالكه او المنتفع به بشكل قانوني وبالتالي لا يحق للموظف دخول المسكن دون إذن المنتفع حتي ولو كان الموظف صاحب المسكن , وقد أشار المشرع الي ذلك باستعمال عبارة ( رغم إرادته ) في المادة 112 فقرة ب من قانون العقوبات رقم 74/1936 وعلي ذلك إذا تم الدخول بإرضاء صاحب الحق بإعطاء الإذن فلا تقوم الجريمة وعدم الرضاء يعني رغما عن ارادة صاحب الحق ورغم معارضته .
الرضاء يعني موافقة صاحب الحق بشكل حر مبني علي أساس إدراك وتميز كامل الأسباب الموافقة بمعني ان صاحب الحق يدرك ويعلم لماذا يوافق ولذلك يتوافر الرضاء في الدخول الي المسكن فقط في حالته ان صاحب الحق يدرك بشرعية او عدم شرعية الدخول ويعلم بحقه في المعارضة علي الدخول .
بالتالي إذا اعتبرنا أن  الموظف دخل المسكن لأن صاحب الحق صمت ولم يعارض عندئذ تقوم الجريمة لان الصمت لا يعني الرضاء اما بالنسبة للتشريعات الجنائية التي تقبل بان الجريمة تتحقق عندما يتم الدخول رغما عن ارادة صاحب الحق فلا تقوم الجريمة في حالة صمت صاحب الحق لان الدخول لم يتم رغما عن ارادة صاحب الحق .
بالتالي الرضاء الصحيح يعني إدراك وتمييز وعلم صاحب الحق بإعطاء الإذن للموظف للدخول الي المسكن وأية شكوك أو مشاكل تدور حول صحة الرضاء ( مثل استعمال وسائل احتيالية من قبل الموظف للدخول إلى المنزل او التدليس او الكذب ) تؤدي الي عدم شرعية الدخول الي المنزل ويصبح الرضاء غير صحيحا .
مثال :
الشرطي الذي يدق باب احد المواطنين الساعة 11 ليلا ويدعي انه يريد مواصلة التحقيق بشأن قضية تخص هذا المواطن فيفتح له الباب ويأذن له بالدخول دون أن يدرك أن الدخول في هذا الوقت غير قانوني . في هذه الحالة يسأل الشرطي عن جريمة الدخول إلى المنزل بشكل غير قانوني لان رضاء صاحب الحق غير صحيح او أحاطت به أسباب حالت دون تمييزه وإدراكه لعدم شرعية فعل الشرطي .
وفقا لما سبق الدخول إلى المسكن دون رضاء صاحب الحق تؤدي إلى قيام الجريمة او كما تنص المادة 112/74-1936 . الدخول رغم ارادة صاحب الحق يترتب عليه وقوع جريمة دخول المنازل بشكل غير قانوني , وفي حالة قبول ورضاء صاحب الحق بدخول الموظف دون إبداء أي معارضة فلا تقوم الجريمة سواء أكان هذا الرضاء وعدم المعارضة قد تم بصراحة او صمتا وعلى هذا يجب ان يحصل الموظف على موافقة صاحب الحق مسبقا قبل دخوله المنزل .
أخيرا دخول مأموري الضبط القضائي لا يشترط موافقة او رضاء صاحب الحق بالمعنى الذي فسرناه أعلاه في حالة وجود مستندات رسمية قانونية تسمح لهم الدخول وتبرره , اما في حالة عدم توفر هذه المستندات فيجب الحصول على الموافقة المسبقة والصريحة من صاحب الحق لدخولهم المسكن .
3- الركن المعنوي : -
وفقا للأحكام العامة التي تنطبق على القصد الجنائي في جرائم الاعتداء على الحرية الشخصية بشكل عام يشترط القانون ان تنصرف ارادة الجاني إلى اقتراف الفعل الاجرامي الذي يشكل جريمة الدخول إلى المنزل بشكل غير قانوني مع العلم بكافة العناصر التي يتطلبها الركن المادي وبالتالي يتوجب توافر ارادة تحقيق الفعل مع العلم بكافة عناصر الركن المادي للجريمة .
ارادة تحقيق الفعل الاجرامي هي شرط أساسي للمساءلة الجنائية ولا تقوم هذه المسئولية ( عمدية او غير عمدية ) بغير توفر الإرادة التي تنصرف نحو تحقيق الفعل الاجرامي , ولا يعتد بالإرادة التي تتأسس على عنصر الإكراه كمن يدفع شخص باتجاه آخر مما يؤدي إلى سقوط الأخير أرضا وحينما نشير إلى عنصر الإرادة نعني عنصر الإرادة الواجب توفره لدي الموظف .
مثال :-
شرطي يضع مادة مسكرة في شراب المحقق ويحصل منه على إذن تفتيش منزل متهم في غير الأحوال المصرحة بها قانونيا . كذلك تنعدم الإرادة في حالة ان السلوك الاجرامي وقع بناءا على تهديد او أكراه معنوي للموظف كمن يهدد موظف بإلحاق ضرر جسيم به في حالة عدم دخول منزل المتهم بشكل غير قانوني لتفتيشه .
اما بالنسبة للعلم في الركن المعنوي لجريمة الدخول الي المنزل بشكل غير قانوني فيتعلق بادراك وتمييز ومعرفة الجاني بكافة العناصر والأحداث التي يتشكل منها الفعل الاجرامي . بالتالي لا يكفي لقيام المسئولية الجنائية للجاني الذي يدخل بشكل غير قانوني منازل الآخرين توفر إرادته و اتجاهها نحو ذلك بل يجب أن يكون عالما بان كافة عناصر سلوكه تؤدي إلى احداث نتيجة الدخول إلى المنزل بشكل غير قانوني وبالتالي في حالة انتفاء العلم بوقائع الجريمة تنتفي المسئولية الجنائية ولا تقوم الجريمة لان قيام الجريمة يشترط توافر وتحقيق الركن المعنوي بجميع عناصره .
4- العقوبة :-
وفقا للمادة 112/74-1936 فقرة ب كل من دخل منزل احد الأفراد رغم إرادته في غير الأحوال التي يجيزها القانون او دون ان يراعي الأصول المقررة في القانون يعتبر انه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة سنتين . بالتالي الحد الاقصي لعقوبة جريمة الدخول إلى المنزل بوجه غير مشروع هو الحبس مدة سنتين .
قبل ان ننهي دراسة الجرائم التي تتعلق بالاعتداء على الحرية الشخصية نشير إلى ان جريمة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة تندرج تحت هذه الجرائم وتتعلق باستراق السمع او تسجيل او نقل محادثات جرت في مكان خاص او عن طريق تليفون او عن طريق جهاز من الأجهزة أيا كان نوعها او التقاط او نقل بجهاز من الأجهزة أيا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص وتعاقب التشريعات الجنائية على مثل هذه الأفعال التي تعتدي على حياة الإنسان الخاصة سواء من موظفي السلطة أم من الأفراد العاديين ومما نلاحظه ان القانون رقم 74 لسنة 1936 لا ينص على هذه الجريمة ومن ناحيتنا نرى وجود النص على تجريم مثل هذه الأفعال لأنها تشكل احد الاعتداءات التي تقترف بشكل مستمر وكبير وفقا للتطور الهائل الذي طرأ على وسائل التكنولوجيا التي تستخدم لمثل هذه الأفعال وبالتالي يتوجب على المشرع تجريم هذه الأفعال من أجل حماية الحياة الخاصة للأفراد من موظفي السلطة وأفراد المجتمع الآخرين .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق